سـ البتول ـر مشرف عام
عدد الرسائل : 279 اوسمة : تاريخ التسجيل : 25/05/2008
| موضوع: إعرابي أسلم بسبب حواره مع الامام الحسن عليه السلام الثلاثاء سبتمبر 16, 2008 10:33 pm | |
| (بينما كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وجماعة من أصحابه، إذ أقبل إليه الحسن فأخذ النبي (صلّى الله عليه وآله) في مدحه، فما قطع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كلامه حتى أقبل إلينا أعرابي يجر هراوة له، فلما نظر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم، وإنه يسألكم عن أمور، وإن لكلامه جفوة. فجاء الأعرابي فلم يسلّم وقال: أيكم محمد؟ قلنا: ما تريد؟ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مهلاً. فقال: يا محمد لقد كنت أبغضك ولم أرك والآن فقد ازددت لك بغضاً. فتبسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وغضبنا لذلك، وأردنا بالأعرابي إرادة، فأومى إلينا رسول الله أن اسكتوا. فقال الأعرابي: يا محمد إنك تزعم أنك نبي، وأنك قد كذبت على الأنبياء، وما معك من برهانك شيء. فقال له (صلّى الله عليه وآله): وما يدريك؟ قال: فخبّرني ببرهانك. قال (صلّى الله عليه وآله): إن أحببت أخبرك عضو من أعضائي فيكون ذلك أوكد برهاني. قال: أو يتكلم العضو؟ قال (صلّى الله عليه وآله): نعم يا حسن قم. فازدرى الأعرابي نفسه، وقال: ما يأتي، ويقيم صبيّا ليكلّمني. قال (صلّى الله عليه وآله): إنك ستجده عالماً بما تريد. فابتدره الحسن (عليه السلام): مهلاً يا أعرابي:
ما غبــياً سـألت وابن غبي بل فقــيهاً إذن وأنت الجهول فإنّ تك قد جهـلت فإنّ عندي شفاء الجــهل ما سأل السؤول ونجراً لا تقسّـمه الــدّوالي تراثاً كـان أورثـــه الرسول لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك وخادعت نفسك، غير أنك لا تبرح حتى تؤمن أن شاء الله. فتبسم الأعرابي وقال له هيه: فقال له الحسن (عليه السلام): نعم، اجتمعتم في نادي قومك وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل، وخرق منكم فزعمتم أن محمداً صنبور - أي لا خلف له - والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثأره، وزعمت أنك قاتله، وكان في قومك مؤنته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمّه تريد قتله، فعسر عليك مسلكك وعمي عليك بصرك، وأبيت إلا ذلك، فأتيتنا خوفاً من أن يشتهر وإنك إنما جئت بخير يراد بك. أنبئك عن سفرك، خرجت في ليلة ضحياء، إذ عصفت ريح شديدة، اشتد منها ظلماؤها وأظلت سماؤها، أعصر سحابها، فبقيت محر غماً كالأشقر، إن تقدم نُحِر، وإن تأخر عُقر، لا تسمع لواطئ حسّاً، ولا لنافع نارٍ جرساً، تراكمت عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلم لامع، تقطع محجّةٍ وتهبط لجّة، في ديمومة قفر، بعيدة القعر، مجحفة بالسّفر، إذا علوت مصعداً ازددت بعداً، الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ريح عاصف، وبرق خاطف، قد أوحشتك آكامها، وقطعتك سلامها، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرّت عينك، وظهر دينك وذهب أنينك. قال الأعرابي متعجباً: من أين قلت يا غلام هذا؟ كأنك كشفت عن سويداء قلبي، ولقد كنت كأنك شاهدتني وما خفي عليك شيء من أمري وكأنه علم الغيب. ثم قال الأعرابي للحسن (عليه السلام): الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله. فأسلم الأعرابي وحسن إسلامه، وعلّمه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) شيئاً من القرآن فقال: يا رسول الله ارجع إلى قومي فأعرّفهم ذلك؟ فأذن له (صلّى الله عليه وآله) فانصرف إلى قومه ثم رجع ومع جماعة من قومه فدخلوا الإسلام، وكان الناس إذا نظروا إلى الحسن (عليه السلام) قالوا لقد أعطي ما لم يعط أحدٌ من الناس.
(بحار الأنوار، الشيخ المجلسي، ج43، ص333).
ودمتم برعاية المولى ولطف الباري
| |
|