السيد الموسوي: الإمام الخميني (رض) مَلَكَ الدُّنيا وما مَلَكَتْهُ
بعد تأديته لصلاة الظهرين من يوم الخميس 23/10/1429هـ ألقى سماحة العلامة الحجة السيد عبدالله الموسوي في جمع من المؤمنين كلمته الأسبوعية التي خصصها هذا الأسبوع للحديث عن علاقة الإمام الصادق (ع) بالإمام الخميني (ق.س)، وذلك بمناسبة ذكرى وفاتيهما الأليمتين في أواخر هذا شهر شوال، حيث سلّط سماحته الضوء على الحديث عن الإمام الخميني (ق.س) من خلال الروايات التي وردت على لسان الإمام الصادق (ع)
مبيناً أن بين الإمامين العظيمين ثمة علاقة عجيبة، وأن الإمام الصادق (ع) كان قد بشّر بخروج الإمام الخميني (ق.س) قبل ما يُقارب من 1300 عاماً تقريباً، مستعرضاً سماحته بعضاً من تاريخ الإمام الراحل الوضّاء والمليء بالمفاجآت الذهبية التي غيّرت في تاريخ الأمة الإسلامية بصورة إيجابية، منوّهاً سماحته بدور مدينة (قمّ المقدسة ) التي ساهمت في إعادة صياغة الخطاب الديني بشكله الحقيقي، مبيناً سماحته أن العلاقة التي تربط بين أبناء الأمة الواحدة هو الفكر وليس المواطنة أو العروبة وغيرها، خاتماً كلمته بذكر شيء من صفات الإمام الخميني الذي ارتبط من خلال بعض أحداث تاريخه بالإمام الصادق (ع)، وفي التالي نص تلك الخطبة:
تمهيد ومناسبتان عظيمتان:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
{ فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا } [الإسراء/5]
وفي تفسير هذه الآية الكريمة وردت رواية عن الإمام الصادق (ع) حيث قال: " قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يَدَعُونَ وتراً ( أي عدوّاً ) لآل محمد (ص) إلا قتلوه ". روضة الكافي للكليني رضوان الله عليه.
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: " ستخلو الكوفة من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في جُحرها ثم يظر العلم ببلد يقال لها قُمّ، وتصير معدناً للعلم والفضل حتّى لا يبقى في الأرض مستضعفٌ في الدين حتّى المُخَدَّرَات وذلك عند قرب ظهور قائمنا ". سفينة البحار ص365
نعيش ذكريين أليمتين: ذكرى وفاة الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه، في يوم السبت، وذكرى رحيل الإمام الخميني رضوان الله عليه في التاسع والعشرين من هذا الشهر، ما هي العلاقة بين الإمام الصادق (ع) وبين الإمام الخميني رضوان الله عليه؟
رجل وُلِدَ في العام 83 هـ ورحل في العام 148هـ مع رجل ولد في العام 1320هـ ورحل في العام 1409هـ، يعني بينهما قرابة 1300 سنة تقريباً، ذاك ولد في نهاية القرن الأول وهذا ولد في القرن الرابع عشر.
ما هي العلاقة بين هاتين الشخصيتين؟
هذه العلاقة ذكرناها في الرواية الأولى، أن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه، بشّر بالإمام رضوان الله عليه، بشّر بأن هناك من سيأتي ليأخذ الحقّ لآل محمّد، ورد في الخبر أيضاً عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: " ستخلو الكوفة من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في جُحرها، ثم يظر العلم ببلد يقال لها قُمّ، وتصير معدناً للعلم والفضل حتّى لا يبقى في الأرض مستضعفٌ في الدين حتّى المُخَدَّرَات وذلك عند قرب ظهور قائمنا ". سفينة البحار ص365
ولاحظ العبارات هنا مهمة فقوله: ( ستخلوا ) ليس القصد منه أنه سينعدم المؤمنون بل القصد أنه لن يكون لهم حِلٌّ ولا ربط، بل يكون الوجود للمؤمنين ضعيفاً ونحن نشهد في أيامنا هذه، هذه النبوءة، وقوله: ( كما تأزر الحية ): أي كما تتحرك الحية في الجحر فإن هذا يحصل بالنسبة للعلم، يعني بذلك أن الحركة تكون بطيئة، وفجأة تخلو من العلم، هل اكتفينا سيدي؟ قال: لا، ( ثم يظهر العلم ببلد يقال لها قُمّ ) ويعني بذلك أنه فجأة أي بين عشيّة وضُحاها، ولاحظ هنا (تأزر) فكيف الحية تختفي بشكل بطيء، كذلك الظهور يكون مفاجئاً، وهذا الذي حصل حقيقة، فالإمام رضوان الله عليه إلى حين رجوعه كان مفاجئاً للجميع لذا حصل الانقلاب العامّ في العالم الإسلامي مع مجيء الإمام رضوان الله عليه، وقوله: ( وتصير مَعْدِناً للعلم ) لاحظ العبارات أي ستصبح هي الأصل للعلم، وغيرها تَبَعٌ لها، وهذه المسألة مهمّة جداً، أي تصير هي المَعْدِن، ومَعْدِن الشيء ما هو؟ أي أصله وحقيقته، والبقية ستكون تبعاً لها هذا هو معنى كلامه، ( وتصير معدناً للعلم والفضل) ليس للعلم وحسب بل والفضل، أي كل فضيلة سيكون منبعها ومنشؤها قُمّ، والمتحدّث هو الإمام الصادق (ع)، حتى لا يُقال هؤلاء أناس قُمّيون وجاءوا يتكلمون من أنفسهم، لا فهذا كلام الإمام الصادق (ع) وقد ورد ذلك في سفينة البحار، قبل مجيء الإمام رضوان الله عليه، كتابة هذه الرواية ووجودها سبق عصر الإمام، ولم تكن هذه الرواية بعد مجيء الإمام حتى يُقال هذه من الروايات موضوعة، فسفينة البحار تأليف المحدث الشيخ عبّاس القُمّي رضوان الله عليه المتوفّى في عام 1358هـ يعني الإمام حين وفاته كان عمره 30 سنة مع أن الكتاب كُتب قبل هذا الزمان.
وقوله: ( حتى لا يبقى في الأرض مستضعف) يعني أنه لا يبقى أحد يقول بأنني لم أسمع الحقّ، ولم أسمع الحقيقة فهناك تلفزيونات، وهناك راديوهات، وهناك سيديات، وهناك إنترنت، يعني الحُجّة قائمة على الجميع فلا أحد يدّعي بأنه لم يسمع عن علي بن أبي طالب أو عن التشيع هذا هو المقصود، لذلك قال: ( حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين ) يقول حتى المخدَّرَات، والمخدَّرَة بمعنى المرأة المصونة، هذه المرأة المصونة وإن لم تخرج من بيتها فبكبسة زر تأتي لها بأخبار العالم كله، الآن المرأة لا يمكن أن تقول بأنني معزولة عن العالم، فيوجد لديها التفاز لينقل إليها أخبار العالم، وعندها أيضاً الإنترنت، لمن يريد أن يُحسن الاستفادة من الإنترنت، الإنترنت هادٍ أحياناً فهو من الهُداة أساساً، لأن الشخص يدخل فيسمع القرآن الكريم، أو يقرأ في كتب العقائد، أو يقرأ في كتب الفقه عن طريق الإنترنت، أو أن يكون الإنترنت أحد أئمة الضلال أيضاً إذا كان المرء من خلاله يريد أن يتّجه اتجاهاً آخر، فالمرأة حقيقة لن تكون معذورة في ذلك العصر في الرواية عن الإمام الصادق (ع)، وأي عصر هو هذا العصر ؟ لذلك يقول: ( حتى المخدَّرَات وذلك عند قُرب ظهور قائمنا ) عج، هذا ما ورد في سفينة البحار ص365 يعني الطبعة القديمة، أما الطبعة الحديثة فتكون هذه الرواية في الأجزاء الأخيرة من الكتاب.
يتبع